Welcome

مراحل إنتاج العلوم الإنسانية الإسلامية: نهج عملي  

مراحل انتاج العلوم الإنسانية الإسلامية: نهج عملي

محمد فنائي أشكوري

 

نهج عملي وتطبيقي للوصول إلي العلوم الإنسانية الإسلامية

تحقیق العلوم الإنسانیة الإسلامیة یتطلب ثلاث خطوات أساسیة:

الخطوة الأولى: تأليف موسوعة للعلوم الإنسانية بناءً على المصادر الإسلامىة.

تتضمن هذه المرحلة جمع وتصنيف الآيات القرآنية والروايات (الأحاديث) وسيرة المعصومين (عليهم السلام) در مجالس مختلف العلوم الإنسانية (كالاقتصاد، التربية، السياسة، القانون…). على سبيل المثال، في مجال الاقتصاد، يتم استخراج جميع النصوص المتعلقة بمفاهيم مثل الملكية، التجارة، الصدقات… من القرآن والأحاديث وتنظيمها بشكل منهجي.

الخطوة الثانیة: استخراج وتنظیم التعالیم الإسلامیة فی موضوعات العلوم الإنسانیة

فی هذه المرحلة، یتم تنظیم التعالیم الإسلامیة فی كل مجال (اقتصاد، تربیة، سياسة…) باستخدام المنهج الاجتهادي. يمكن تصنيف هذه التعاليم إلى ثلاثة أقسام:

1. الأُسس العقائدية والكلامية (مثل العدالة الاقتصادية في الإسلام).

2. الأحكام الفقهية (القوانين المالية، المعاملات…).

٣. الأخلاق التطبيقية (آداب التجارة، المسؤوليات الاجتماعية…).

بمعنى آخر، يمكن تقسيم التعاليم الإسلامىة في كل فرع من فروع العلوم الإنسانية إلى وصفية و توجيه، مع تقسيم التوجيهية بدورها إلى فقهية و أخلاقية.

نتيجة هذه المرحلة هي تكوين «اللهوت التطبيقي» (مثل لاهوت الاقتصاد، لاهوت التربية)، الذي يحد الإطار النظري الإسلامي لكل تخصص.

من المهم الإشارة إلى أن تأليف لاهوت العلوم الإنسانية ليس مهمة تُنجز مرة واحدة، بل هو عمل مستمرة وديناميكية تطلب المراجعة الدورية والتكملة والتحديث.

لإنجاز الخطوتين الأولين، لا يلزم التخصص في العلوم الإنسانية، لكن الإلمام العام بالتخصص ذي الصلة (كعلم النفس أو الاجتماع) ومفاهيمه الرئيسية ضروري لتصنيف الموضوعات و.

 

الخطوة الثالثة: الدخول فی عملیة أسلمة العلوم الإنسانیة.

هذه الخطوة هي الأكثر تعقيدًا وتخصاصا، وتتضمن مرحلتين:

أ. انْتاج النظریة

ب. التحقق العملی منها

المرحلة الأولى: انتاج النظرية

هذه المرحلة تطلب شرطين أساسيين:

1. الإتقان في العلوم الإنسانية المعاصرة (كالاقتصاد الكلاسيكي أو علم النفس الحديث).

2. الکفاءة فی الاجتهاد الدینی وتحلیل المصادر الدينية.

فی هذه المرحلة، بالاعتماد علی فلسفة ومنهجیة العلوم الإنسانیة الإسلامیة (التی تطور تدریجیا بالتزامن مع التقدم العلمی)، التعالیم الإسلامیة.

فلسفة العلوم الإنسانية الإسلامية (المتضمنة الأسس الوجودية، الأنثروبولوجية، المنهجية، والقيمية) تُصاغ في البداية بشكل مبدئي وعام. لكن تطورها التفصيلي والمتقدّم لا يكون ممكنًا إلا بعد تقدم عملية اكتشاف وتنظيم العلوم الإنسانية الإسلامية—مشابهة لتطور فلسفة الفيزياء بعد قوانين نيوتن والنسبية.

پس، فإن أي محاولة لأسلمة العلوم الإنسانية دون إكمال الخطوتين الأوليين، أو دون مراعاة هذا التفاعل الديناميكي، استواجه تحديات نظرية وعملية.

 

المرحلة الثانیة: التحقق من صحة النظریات

بما أن العلوم الإنسانية ليست مجرد معارف نظرية، بل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحياة العملية والاجتماعية، فإن إنتاج العلوم الإنسانية الإسلامية لا يكتمل بالعمل النظري والبحث والنشر فقط. الخطوة الأهم هی اختبار هذه النظریات عملیًا. النجاح العملی هو الاختبار الأعلی لمصداقیة نظریات العلوم الإنسانیة، والتطبیق المیدانی هو «المختبر» الذی یُثبت صلاحیتها.

 

الخاتمة

مسار أسلمة العلوم الإنسانية هو عملية تدريجية متعددة التخصصات، تعتمد على التعاون بيناء الدين، وخبراء العلوم الإنسانية، والمؤسات الحاكمة. دون تأسيس قاعدة صلبة عبر الخطوات السابقة (جمع المصادر، تنظيم التعاليم، والدخول المنهجي في البحث التخصي)-ودون تحقيق نجاحي عملي علي أرض الواقع-ستظل النتائج المرجوة بعيدة.

Leave a Reply